أبعاد الذاكرة

صورة ذهنية عالقة في الفص الصدغي من الدماغ هي بلا حركة ولا ألوان ولا تجسّد بداخلها الكثير من الأحداث، صورة هي ربما عمرها أيام أو حتى أشهر وُلدنا جميعًا إلى الحياة، وأبصرنا النور في الآن ذاته، سقف الغرفة الصماء التي عشتُ الأشهر الأولى فيها من حياتي، تلك الصورة مازالت تستحثُ شريط ذكريات العمر الذي قضيتهُ هناك وأيام لازالت بالانتظار، لا وجود للتفاصيل الدقيقة غير أن تلك التحفة كان لها مغزى أكبر لاحقًا

أستيقظُ أخيرًا في مراحل الطفولة المبكرة بذاكرة صوتية ربما هي الأقوى تمكنًا، تلازمني تلك النغمات التي استقرت بداخلي طويلاً كترنمية ترددها الأمهات ليلاً قبل وقت النوم، أو كتعويذة يرتلها السحرة قبل إلقاءها في عالم ملئ بالخرافات

على رف العشرين، يتمزق شريطُ الذاكرة بعد عقدين من الزمان مخلفًا وراءه صور ومشاهد والكثير من النُسخ البشرية التي لفظها الدماغُ أخيرًا معلنًا فوز الآلآف من الحروف ومشهد واحد يتكرر بين رزمة من الكتب، حقيقة واحدة ونظريات متعددة كانت رهينة الوقت والمكان، هي ذكرى بالأحرى حبيسة الذاكرة إلى الأبد، ربما حتى البُعد القادم من الذاكرة